الاثنين، 5 أكتوبر 2015

تطور مفهوم الإعاقة العقلية ( الذهنية ) .

 .( تطور المسميات الشائعة للإعاقة العقلية ( الذهنية *

تعتبر الإعاقة العقلية ظاهرة متعددة الجوانب و الأبعاد ، و القصور الذي يترتب عليها لدى الفرد لا ينحصر في الجانب العقلي فحسب، و إنما يشمل جوانب متعددة من السلوك سواء معرفية ، جسمية ، وجدانية ، و اجتماعية ...إلخ فالإزدياد  المستمر لهؤلاء الاطفال لا يمتد أثرة و مفعولة فقط على  المعاق بل يمتد نحو الأسرة و المجتمع بأكمله .







و قد شهدت اللغة المستخدمة للإشارة الى الاعاقة العقلية تغيرات جوهرية على مر السنين بدأت بأبلة و المعتوه ، كما استخدموا الباحثون الانجليز و الامريكان بدون عقل و صغير العقل و نقص العقل ثم استخدموا مصطلح التخلف العقلي في المملكة المتحدة و التأخر العقلي في الولايات المتحدة الامريكية و كندا و الدول الاسكندنافية ، اما الباحثون العرب استخدموا مصطلحات كثيرة منها القصور العقلي و النقص العقلي و الضعف العقلي و الشذوذ العقلي و الاعاقة العقلية، و هي مصطلحات لا تنسجم مع الاعتبارات الانسانية ، لذا يوجد تيار شديد في المرحلة الراهنة يدعو للعد عن الكلمات السلبية و التشجيع على استخدام الكلمات الايجابية " اشخاص ذوي احتياجات خاصة " " اشخاص لديهم تحديات " " قصور القدرة العقلية " ...الخ ، و يعد هذا التحول في استخدامات اللغة تعبيرا عن تغير النظرة لذوي الاعاقة العقلية ، فمن التشديدعلى ان الاعاقة مشكلة الفرد نفسه او اسرته ، للتأكيد على انها مشكلة المجتمع و يصبح على المجتمع ان يتكيف مع هؤلاء الاشخاص ليكون لكل منهم دوره. 



https://www.youtube.com/watch?v=tEc4yAeNHb8











يؤكد كل من هيوارد و أورلانسكي 1984 على ان التعريف الجيد لظاهرة الاعاقة العقلية يساعد على و ضع البرامج التربوية المناسبة لهم ، كما يساعد على التعرف على نوع الخدمات التي يحتاجون اليها ، وقد تعددت تعريفات الاعاقة العقلية و لكن على الرغم من اختلاف التعريفات و تشعبها و تداخلها الا انه يمكن تصنيف تلك التعريفات الى فئتين  عرضيتين هما :




  • فئة التعريفات الي تعتمد بالدرجة الاولى على معيار واحد او محك او بعد واحد في تعريف الاعاقة العقلية ، و تنقسم هذه الفئة الى الفئات الفرعية التالية


  1.   التعريفات الطبية للإعاقة العقلية.
  2.  التعريفات السيكومترية للإعاقة العقلية . 
  3.  التعريفات التربوية اوالتعليمية للإعاقة العقلية .
  4. التعريفات الاجتماعية للإعاقة الذهنية .
  5.  التعريفات القانونية او التشريعية للإعاقة العقلية .








  • فئة التعريفات التي تتطلب استخدام اكثر من معيار او محك في تعريف الاعاقة الذهنية :


تنبه علماء النفس و التربية الى القصور الشديد في تعريف الاعاقة العقلية و عدم تحديدا دقيقا ، فاتجهوا الى تناول مشكلة الاعاقة العقلية من جميع جوانبها الطبية و النفسية و الاجتماعية و التربوية ، و ثمرت تلك الجهود عن ظهور تعريفات اكثر شمولا .



: المفاهيم التي اعتمدت على معيار او محك واحد في تحديد مفهوم الاعاقة العقلية*

1.     التعريف الطبي "Medical Definition ": يعتبر التعريف الطبي من اقدم التعريفات الاعاقة  العقلية ، اذ يعتبر الاطباء من الاوائل المهتمين بتعريف و تشخيص ظاهرة الاعاقة العقلية ، و قد ركز التعريف الطبي على اسباب الاعاقة كالوراثة او الاصابة بأحد امراض مما يؤدي الى حدوث خلل في الجهاز العصبي و ضمور في خلايا المخ ، فقد عرف تريد جولد التخلف العقلي حالة من النقص العقلي منذ الميلاد نتيجة نمو غير كامل لذلك لا يستطيع الفرد القيام بواجباته ، ويرى جيرفكس 1952 بأنه حالة توقف او عدم اكتمال النمو العقلي نتيجة مرض او اصابة قبل سن المراهقة او ان يكون نتيجة عوامل جينية ، و يشير باتون و سميث 1991 الى تعريف الجمعية الطبية الامريكية الى الاعاقة العقلية على ان نقص في الوظائف العقلية او في مستو التوافق الاجتماعي و عادة ما تنتج عن مرض او اصابة او بسبب عوامل جينية ، و تعرف منظمة الصحة العالمية 1992 الاعاقة العقلية بانها حالة من توقف او عدم اكتمال نمو العقل و الذي يتسم بشكل خاص بقصور في المهارات التي تظهر اثناء مرحلة النمو و التي تسهم في المستوى العام للذكاء او القدرات المعرفية ، اللغوية ، الحركية و الاجتماعية ، ويرى بوشبل و ايذمان سكولا 2004 ان الاعاقة العقلية تعني ان هناك شيئا خطأ في وظائف المخ لاسباب مختلفة اما بسبب تلف او جرح او عدم توازن المواد الكيميائية بالمخ او عدم وصول الدم للأوعية الدموية مم يؤدي الى حدوث مشاكل بالمخ .











2.     التعريفات السيكومترية " Psychometric Definition " : ظهر التعري السيكومتري تنيجة للإنتقادات التي وجهت للتعريف الطبي ، و يشير فاروق الروسان 1999 لذلك بقوله انه يمكن للطبيب و صف الحالة و مظاهرها و اسبابها دون ان يعطي و صفا دقيقا و بشكل كمي للقدرة العقلية ، و نتيجة للتطور في حركة القياس النفسي ظهرت التعريفات التي تعتمد على نسبة الذكاء كمحك في تعريف الاعاقة العقلية ، و اشار فرنون 1992 الى تعريف مقياس ستانفورد بنييه للإعاة العقلية تحت مسمى الضعف العقلي الذي يعتبر الافراد الذين يقل نسبة ذكائهم عن 70 على المقياس "ضعاف العقول " ، اما فاروق صادق يعرف الاعاقة العقلية من خلال انخفاض نسبة الذكاء عن 75 درجة سواء باستخدام اختبار لفظي او غير لفظي ، فالقدرة العقلية للمعاق عقليا 3/4 القدرة العقلية للفرد العادي المتكافئ معه في العمر الزمني ، طبقا للعريف السيكومتري يعتبر الافراد الذين تقل نسبة ذكائهم عن 70-75 % معاقين عقليا على منحنى التوزيع الطبيعي للقدرة العقلية .








3.     التعريفات الاجتماعية "Social Definition" : ظهر التعريف الاجتماعي للإعاقة العقلية نتيجة للإنتقادات لمقاييس القدرة العقلية و خاصة ستانفورد بينيه و مقياس وكسلر في قدرتها على قياس القدرة العقلية للفرد ، فقد وجهت إنتقادات الى محتوى تلك المقاييس و صدقها و تأثرها بعوامل عرقية و ثقافية و عقلية و اجتماعية ، الامر الذي ادى الى ظهور المقاييس الاجتماعية التي تقيس مدى تفاعل الفرد مع مجتمعه و استجابته للمتطلبات الاجتماعية و قد تعددت التعريفات القائمة على الكفاءة الاجتماعية او التوافق الاجتماعي كأساس للتعرف على المعوقين ذهنيا و فيما يلي عرض لأهم هذه التعريفات :  بعد تعريف دول 1941 من اقدم واهم التعريفات الاجتماعية التي تعرضت للإعاقة العقلية حيث اتجه الى اعتبار ان الصلاحية الاجتماعية محك في تعريف الاعاقة الذهنية بأنه عدم القدرة الاجتماعية و التي ترجع للتخلف في النمو العقلي و غير قابلة للشفاء ، ووضع ستة معايير لتعريف الاعاقة العقلية وهي : 
  • غير كفء اجتماعيا و مهنيا و لا يستطيع ان يسير اموره وحده .
  • دون الاسوياء في القدرة العقلية العامة " الذكاء " .
  • يظل متخلفا عقليا عند بلوغه سن الرشد .
  • يظهر تخلفه عند الولادة او في سن مبكرة .
  • يرجع تخلفه العقلي لعوامل تكوينية في الاصل .
و يصف سارسون التخلف العقلي بأنه حاله يظهر فيها عدم التوافق الاجتماعي ، و تصاحب بقصور في الجهاز العصبي المركزي .









4. التعريفات السلوكية " Behavioral Definition " : تهتم التعريفات السلوكية بالسلوكيات الخاصة للأشخاص ذوي الاعاقة العقلية و مهاراتهم الاجتماعية فقد عرف ديفر 1990 المعاق ذهنيا انه ذلك الفرد الذي يحتاج لتدريب معين على المهارات التي يكتسبها معظم الافراد بشكل عرضي و التي تساعدهم على ان يتكيفوا مع المجتمع من خولهم ، اما اسماعيل الكافي 2000 يرى انه ذلك الفرد الذي انخفض مستوى ذكائه الى مادون المتوسط ، بحيث اصبح  عاجزا عن الفهم و الملاحظة بسرعة او تدبير شؤؤن حياته.





https://www.youtube.com/watch?v=0Ylaup6C0p0











5. التعريفات التربوية " Educational Definition" : اتخذ التربويين مدى التعلم معيارا اساسيا للتعرف على الشخص المعاق عقليا فيرى سنكلير و فورنس 1983ان المعاق ذهنيا انه الشخص الغير قادر على الاستفادة من البرامج التي تقدم للأطفال الغير المتأخرين عقليا في المدارس الابتدائية ، و يرجع هذا لنموه العقلي الغير سوي ، اما لوفل 1994 يشير لذلك بأنهم الاطفال الذين يحتاجون بسبب قدرتهم المحدودة لنوع متخصص من التعليم ، و يرى يوسف القريوتي 1996 الاعاقة العقلية تحت مسمى التخلف العقلي انه ناتج من عدم ملاءمة البيئة التعليمية و عدم قدرتها على الاستجابة الى الاحتياجات التعليمية للفرد بشكل مناسب .







6. Behavioral Definition " التعريفات القانونية او التشريعية " : اتخذت الولايات المتحدة الامريكية تعريف برتيوس 1953 تعريفا قانونيا لها ويرى ان ضعاف العقول يتصفون بتوقف النمو العقلي في سن مبكرة و يستمر بعدها، و تتميز تلك الفئة بعدم قدرتها على الاعتماد على نفسها ، و اصدر قانون التربية البريطاني لعام 1944 تعريفا تحت مسمى دون السواء من الناحية التعليمية على ان جميع الاطفال الذين تنخفض اداؤهم بشكل واضح عن اقرانهم في الدراسة و تقل معاملاتهم التربوية عن80 يصنفون بوصفهم معاقين او متأخرين تحصيليا بغض النظر عن معدلات ذكائهم .







* المفاهيم التي اعتمدت على اكثر من معيار او محك او بعد في تحديد مفهوم الاعاقة العقلية .

كما ذكرنا من قبل تنبه علماء النفس و التربية الى القصور الذديد في تعريف الاعاقة العقلية و عدم تحديده تحديدا دقيقا، فاتجهوا الى تناول مشكلة الاعاقة العقلية من جميع جوانبها الطبية و النفسية و الاجتماعية و التربوية ، و اثمرت تلك الجهود عن ظهور تعريفات اكثر شمولا و فيما يلي عرض لاهم هذه التعريفات :

  1. تعريف هيبر : قدم هيبر 1961 تعريفا للأعاقة العقلية يشير الى انخفاض عام في الاداء العقلي و يظهر خلال مرحلة النمو مصاحبا بقصور في السلوك التوافقي .
  2.  تعريف جروسمان : تم مراجعة تعريف هيبر من قبل جروسمان 1973، 1983 و ظهر تعريف جديد للأعاقة العقلية و الذي يشير الى انخفاض واضح في الاداء الوظيفي في العمليات العقلية ، متلازما مع اشكال من القصور في السلوك التكيفي ، و يظهر خلال الفترة النمائية من حياة الفرد . 
  3. تعريف الجمعية الامريكية للأعاقة العقلية : أعلنت الجمعية الامريكية للتخلف العقلي 1992 تعريفا ينص على ان الاعاقة العقلية تشير الى قصور جوهري في الوظائف العقلية ، و هذه الاعاقة تتميز بمعدلات ذات دلالة تظهر في الوظائف العقلية و نسبة الذكاء و يرتبط هذا القصور بالنشاط الذي يقوم به الفرد و يكون مؤثرا على اهم و ظيفتين و هما الاتصال العقلي و العناية الشخصية و كذلك الوظائف الاجتماعية و الصحية ، و في الغالب تظهر الاعاقة قبل سن 18 سنة ، اي ان الوظائف العقلية تقل عن المعدل العادي و هذا يعني ان الطفل بمقدوره ان يتخطى اختبار الذكاء بمعدل 70-75 او اقل ، متلازما بقصور واحد او اكثر من مجالات التكيفية التالية : الاتصال ، رعاية الذات ، المعيشة المنزلية ، المهارات الاجتماعية ، استخدام امكانات المجتمع ، توجيه الذات، الصحة و السلامة ، الآداء الاكاديمي الوظيفي ، و قت الفراغ ، العمل .
  4. تعريف جمعية الطب النفسي : و نتيجة لعدم رضا علماء النفس عما جاء بالدليل التشخيصي الصادر عن الجمعية الامريكية للتخلف العقلي 1992 نشرت صيغة جديدة لتعريف الاعاقة العقلية و هي : نواحي القصور دالة في الاداء الوظيفي العقلي العام : و يشير ذلك الى النشاط العقلي العام او ما نطلق عليه ذكاء ، و يتطلب ذلك تحديد الانخفاض في الاداء  باستخدام مقاييس مختلفة للذكاء ، و ان تكون هذه المقاييس مقننة على المجتمع الذي تستخدم فيه ، و ان يكون لها صدق و ثبات مرتفع ففي حالة استخدام مقياس وكسلر فالأنخفاض المقصود يعمي ان تقل الدرجة عن 70 و في اختبار ستانفورد بينيه فتقل عن 68..... و نواحي قصور دالة في الاداء الوظيفي التكيفي و يقصد به فعالية الفرد او درجة كفاءته في تحقيق المستوى المتوقع منه تبعا لعمره ، و تبعا للثقافة التي يعيش فيها .... و تظهر الاعاقة العقلية قبل سن 18 سنة . 

   


  
    

نورة عبدالله الغثانيين .

هناك تعليق واحد: